کد مطلب:168078 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:221

حب الدنیا راس کل خطیئة
وقال الطبری: (وكان سبب خروج ابن سعد إلی الحسین (ع) أنّ عبیداللّه بن زیاد بعثه علی أربعة آلاف من أهل الكوفة یسیر بهم إلی دستبی، [1] وكانت الدیلم قد خرجوا إلیها وغلبوا علیها، فكتب إلیه ابن زیاد عهده علی الریّ وأمره بالخروج فخرج معسكراً بالناس بحمّام أعین، فلمّا كان من أمر الحسین ما كان وأقبل إلی الكوفة، دعا ابن زیاد عمر بن سعد فقال: سِرْ إلی الحسین، فإذا فرغنا ممّا بیننا وبینه سِرتَ إلی عملك.

فقال له عمر بن سعد: إنْ رأیتَ رحمك اللّه أن تعفینی فافعل!

فقال عبیداللّه: نعم، علی أن تردَّ لنا عهدنا!

قال فلمّا قال له ذلك، قال عمر بن سعد: أمهلنی الیوم حتّی أنظر. [2] .

قال فانصرف عمر یستشیر نصحاءه! فلم یكن یستشیر أحداً إلاّ نهاه! قال


وجاء حمزة بن المغیرة بن شعبة، [3] وهو ابن أُخته، فقال: أُنشدك اللّه یا خال أن تسیر إلی الحسین فتأثم بربّك وتقطع رحمك، فواللّه لان تخرج من دنیاك ومالك وسلطان الارضكلّها لو كان لك خیر لك من أن تلقی اللّه بدم الحسین!

فقال له عمر بن سعد: فإنّی أفعل إن شاء اللّه!

قال هشام: حدّثنی عوانة بن الحكم، عن عمّار بن عبداللّه بن یسارالجُهنی، عن أبیه، قال: دخلت علی عمر بن سعد وقد أُمر بالمسیرإلی الحسین!

فقال لی: إنّ الامیر أمرنی بالمسیر إلی الحسین، فأبیتُ ذلك علیه!

فقلت له: أصاب اللّه بك! أرشدك اللّه! أَحِلْ فلا تفعل ولاتسِرْ إلیه! قال فخرجت من عنده، فأتانی آتٍ وقال: هذا عمر بن سعد یندب الناس إلی الحسین!

قال فأتیته فإذا هو جالس، فلمّا رآنی أعرض بوجهه! فعرفت أنه قد عزم علی المسیر إلیه، فخرجت من عنده!

قال فأقبل عمر بن سعد إلی ابن زیاد،فقال: أصلحك اللّه، إنّك ولّیتنی هذاالعمل وكتبت لی العهد، وسمع به النّاس، فإنْ رأیت أن تُنفذ لی ذلك فافعل، وابعث إلی الحسین فی هذا الجیش من أشراف الكوفة مَن لستُ بأغنی ولا أجزاء عنك فی الحرب منه. فسمّی لها أناساً.

فقال له ابن زیاد: لاتعلّمنی بأشراف أهل الكوفة، ولستُ أستأمرك فیمن أرید أن أبعث! إنْ سِرْتَ بجندنا وإلاّ فابعث إلینا بعهدنا.

فلمّا رآه قد لجَّ، قال: إنّی سائر!...). [4] .


هكذا أعمی طغیان حبّ الدنیا بصیرة عمر بن سعد لعنه اللّه، وشلّه روحیاً حتّی أفقده القدرة والعزم علی اتخاذ القرار الصائب الذی ینجیه من شدید عقاب اللّه تعالی، برغم كلّ النواهی والتحذیرات التی سبق أن بلغت مسامعه الصمّاء، فقد (روی عن محمّد بن سیرین، عن بعض أصحابه قال: قال علیُّ لعمر بن سعد: كیف أنتَ إذا قُمتَ مقاماً تُخیّر فیه بین الجنّة والنار فتختار النار!؟). [5] .

(وروی سالم بن أبی حفصة قال:قال عمر بن سعد للحسین: یا أبا عبداللّه، إنّ قِبلنا ناساً سفهاء یزعمون أنّی أقتلك!

فقال له الحسین (ع): إنّهم لیسوا بسفهاء ولكنّهم حلماء، أما إنّه تقرّ عینی أن لا تأكل من برّ العراق بعدی إلاّ قلیلا!). [6] .

(وروی عبداللّه بن شریك العامریقال: كنت أسمع أصحاب علیّ (ع) إذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد یقولون: هذا قاتل الحسین بن علیّ (ع) وذلك قبل أن یُقتل بزمان!). [7] .

ولم یكن عمر بن سعد لعنه اللّه عبد الدنیا فحسب!بل كان ذا میل وهوی أموی، فقد كان ممّن یتقرّب إلی سلطانهم،وكان من جملة الذین كتبوا إلی یزید بن معاویة فی ضعف والی الكوفة النعمان بن بشیر أو تضعّفه فی مواجهة مسلم بن عقیل (ع)! [8] .

وكان قد نفّذ تعالیم ابن زیاد تماماً فیقتل الامام الحسین (ع) وفی أن یوطیء


الخیل صدره وظهره! [9] .

وقد أكلت قلبه الحسرة بعد أن غلبت علیه شقوته ونفّذ أبشع جریمة فی تأریخ البشریّة وندم علی ما فرّط فی أمر دنیاه وآخرته، ولات ساعة مندم!

یروی لنا التأریخ أنّ عمر بن سعد لعنه اللّه لمّا لم ینل بعد عاشوراء من ابن زیاد لعنه اللّه ما كان یأمله من ولایة الریّ والزلفی من السلطان، خرج من مجلس ابن زیاد (یرید منزله إلی أهله وهو یقول فی طریقه: ما رجع أحدٌ مثل ما رجعت! أطعتُ الفاسق ابن زیاد، الظالم ابن الفاجر! وعصیت الحاكم العدل! وقطعت القرابة الشریفة!

وهجره الناس، وكلّما مرَّ علی ملا من النّاس أعرضوا عنه، وكلّما دخل المسجد خرج النّاس منه، وكلّ من رآه قد سبّه! فلزم بیته إلی أن قُتل.). [10] .


[1] دستبي: كورة كبيرة كانت مقسومة بين الريّ وهمذان، فقسم منها يُسمّي دستبي الرازي وهو يقارب التسعين قرية، وقسم منها يسمّي دستبي همذان وهي عدّة قُري، وربّما أُضيف إلي قزوين في بعض الاوقات لاتصاله بعملها، ولم تزل دستبي علي قسميها بعضها للريّ وبعضها لهمذان إلي أن سعي رجلٌ من سكّان قزوين من بني تميم يُقال له حنظلة بن خالد، ويُكنّي أبا مالك، في أمرها حتّي صُيّرت كلّها إلي قزوين..) (معجم البلدان: 2:454).

[2] وقد أنفق ليله ساهراً يُطيل التفكير في الامر!هل يقدم علي حرب ريحانة رسول اللّه (ص)، وفي قتله العذاب الدائم والخزي الخال!؟ أو يستقيل من ذلك، فتفوته إمارة الري التي تضمن له العيش الوفير!؟ وسمعه أهله يقول:



أأترك مُلكَ الريّ والريّ بغيتي

أم ارجع مأثوماً بقتل حسينِ!؟



وفي قتله النّار التي ليس دونها

حجابٌ، وملك الريّ قُرّةُ عيني).



(راجع: حياة الامام الحسين بن عليّ (ع)، 3:113).

[3] حمزة بن المغيرة بن شعبة، إبن أخت عمر بن سعد، استعمله الحجّاج بن يوسف الثقفي علي همذان سنة 77، وكان أخوه مطرف بن المغيرة علي المدائن فخرج علي الحجّاج، فأمدّه حمزة بالمال والسلاح سرّاً، فبعث الحجّاج إلي قيس بن سعد العجلي وهويومئذٍ علي شرطة حمزة بن المغيرة بعهده علي همذان فأوثقه وحبسه.

[4] تأريخ الطبري: 4:309-310، وانظر تفصيلات أخري لهذه الوقائع أيضاً في كتاب الفتوح، 5: 151-153.

[5] تهذيب الكمال، 14: 74؛ وتذكرة الخواص: 223.

[6] الارشاد: 282؛ وتهذيب الكمال، 14، 74.

[7] الارشاد: 282؛ وتهذيب الكمال، 14، 74.

[8] أنساب الاشراف، 3:837.

[9] الارشاد: 256.

[10] تذكرة الخواص: 233.